2-1.png
color-1.png
advanced divider

عندما تريد معرفة معلومة، تركض إلى العم “Google”، ليعطيك إجابة لتساؤلاتك، كل منّا يستخدم محركات البحث بطريقته الخاصة، بالنسبة لي أول مرة بحثت عن شيء كان صور لبرامج “الإنمي”، كنت أحب تحميلها والاحتفاظ بها على جوالي؛ ألوانها زاهية وأنيقة وفتياتها أنيقات رائعات.

بعد الجائحة “كوفيد19” التي ضربت العالم؛ تغيّر مفهوم عالم الإنترنت لينتقل من مجرد التسلية إلى فضاء متكامل للأعمال.

هذه العملية المتسارعة خلال سنوات قليلة، فتحت المجال للكثير من الأعمال بالازدهار والنمو، كما اندثرت بعد انتشارها أعمال أخرى.

بدأت القصة بزيادة الضغط على شبكات الإنترنت، والتواصل مع الأماكن الخدمية، مما جعلهم يعتنون بمسمى “خدمة العملاء”، لسدّ الحاجة؛ واحتواء خوف وهلع الناس.

أُغلق باب الجائحة لينفتح غيره باب آخر، وهو العمل الحر عبر الإنترنت، من باب إلى باب ومن الشركات إلى حاجة التسويق ومن التسويق إلى حاجة الكلمات، لنصل إلى “مقدّم خدمات كتابة المحتوى”.

وكما يقول المثل السوري “هون حطنا الجمّال”؛ أي هنا بيت القصيد وما أرمي عليه؛ نعم مثلما قرأت عليه وليس إليه.

سابقاً أي موضوع أريد البحث عنه أنطلق راكضة لعمو “قوقل”، تظهر لي نتائج البحث لأصدق كلامه من أول سطرين؛ لم لا أصدقه وهو جوجل الذي يعرف كل شيء “يالا سذاجتي”.

إن كان معلومة أو تفسير حلم أو معرفة طريقة صنع الحلويات، تقول لي أمي “ابحثي عنها”، نعم كنت ابحث عنها بكل ثقة وأعود ظافرة بالإجابة. إلى أن امتهنت “خدمة كتابة المحتوى” لتبدأ مقالاتي بالظهور ضمن محركات البحث مقال تلو الآخر؛ تتالت المقالات وتراكمت الخبرات، وبدأ المجال يزدحم بمقدمي الخدمات “الكتّاب”؛ سنة بعد أخرى أصبح الطلب على الكتابة يزداد والأسعار بهبوط مستمر، سوق المنافسة أصبح أقوى، والمواقع كحوت ضخم يبتلع جميع أصناف الأسماك، لا يهم طعمها وشكلها ولونها، الأهم أنه يأكل.

من معلومة وجودة؛ إلى كلمات تغازل الخوارزميات، خاصة بعد كثرة شركات التسويق الإلكتروني التي تستلم المشاريع الإلكترونية، همها الوحيد الكم لا الكيف.

سأسرد عليكم سريعاً شكل البدايات، حيث كانت مختلفة عن ماهو الوضع الآن، كان الكاتب كاتباً يتعاملون معه ويعاملونه باحترام، يعطونه أساسيات وحيثيات الموضوع ويزودونه بالمصادر الصادقة، وله حرية رفض الموضوع أو الكتابة عنه؛ بعدها يبدأ الكتابة ويسلم مقالاً واحداً في الأسبوع؛ يدخل المقال مرحلة المراجعة والتدقيق من المحرر، من ثم يذهب إلى مصمم، وبعدها يعود إلى المحرر لينشره.

وصف الباحث يختلف عن الكاتب والمحرر شخص مختلف؛ يتعاونون جميعاً لإطلاق مقال واحد، صدقوا ذلك أم لا؛ هكذا كان الحال. أهلاً أهلاً “بأخطبوطات اليوم”، بعد تزايد الأعمال وانتشارها على الإنترنت ازدادت الحاجة لاستخدام الكلمات، ولكثرة الأشخاص أصبح الاختيار يقع على من يرضى بأقل سعر، ولأن تسويق خدمات المحتوى بسعر قليل؛ لن أقول “رخيص”؛ من هبّ ودبّ دخل المجال؛ لا ألومهم فالحياة ليست للضعفاء.

ولأن هذه المهنة تحتاج رصف كلمات ومهارة بحث مقبولة ومدّة تعلّم قصيرة لتفهم كيفية عمل الخوارزميات وبناء هيكل مقال، ازاد الوافدين إليه.

ولسدّ الحاجة، ولأن المواقع قائمة على المحتوى، أصبحت المتطلبات أكبر، فأصبح الكاتب مطالب بالبحث والكتابة واختيار تصاميم وتسليم عدد كلمات كبير يومياً؛ إن لم تفعل ذلك تكون خرجت من المنافسة، إن لم تعطهم ما يريدون يبحثون عن غيرك. إلى هنا الوضع تمام التمام.

لكن وصل الحد بمقدّم هذه الخدمة إلى حاجته للكتابة بكل المجالات، الطبية والقانونية والتسويق والاقتصاد والكثير من المواضيع “لا أقصي نفسي”، نعم وأنا أيضاً عملت كـ”أخطبوط”. الحاجة إلى الكتابة بكل المواضيع بحاجة لمصادر تستند عليها، لنصل إلى القصيدة نفسها.

بدأت ملاحظة رداءة المحتوى العربي المنشور ضمن المواقع، بما أنني دائماً ما أعتمد على المصادر الأجنبية لم ألحظ ذلك بالبداية، لكن عندما بدأت الكتابة ضمن المجال القانوني لمواقع وشركات سعودية؛ ازدادت حاجتي للمصادر العربية، بلحظتها وقفت دقيقة صمت وحداد على حالنا، لماذا؟

وقتها كنت أبحث عن بند قانوني، لأدخل لنتائج البحث الأولى وأكتب ما احتاجه على ورقة إلى أن وصلت لجملة أتذكرها إلى الآن، مفادها:

وهو ما يعمل عليه رئيس السعودية عبد الفتاح السيسي ضمن رؤية 2030

أخذتها وقتها كلقطة شاشة، وضحكت كثيراً وأرسلتها للمدير. وبدأت وقتها أركز بكل كلمة ومعلومة، لأراها مكررة ضمن جميع المواقع “أقصد المعلومات”. لأقرر بعدها أنني لن آخذ معلومة إلا من مصدرها، لتصبح مصادري المواقع الحكومية لانتشل منها البنود كما هي مذكورة بالقانون وأصيغها بطريقتي الخاصة، وأكتبها.

بعد كل ما ذكرته، ما كان عليّ الضحك بل البكاء، البكاء على حالنا وعلى محتوانا؛ على اتكاليتنا؛ وعلى سوء كلماتنا، أنا مسؤولة أمام نفسي وأمام أمي، وأمام المجتمع والأجيال، الذين يقرأون ويصدقون.

لا تقولوا لي بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة؛ فهو بريء مما صنعت أيديكم. فما من معلومة يعطيكم إياها إلا هي مبنية على ما طرحتموه، مبني على بياناتكم وكلماتكم ومحتواكم.

يقذفونه بأبشع الأوصاف بأنه غبي، ومعلوماته سطحية، وأن نتائجه باللغة الإنجليزية تتفوق بأشواط على اللغة العربية، في الحالتين هي بيانات، محركاته مبنية عليها، سوء خدماته من سوء كتاباتكم أنتم. من خلاله تعلمون كم نحن بحاجة لأصحاب ضمائر، وأنفس مسؤولة، وأصابع تحترم ما تكتب.

لست ضدكم، أنا معكم، فقط القليل من المسؤولية، لا تعاملوا كلماتكم أنها مصنع دولارات تأخذونها عند انتهاء العمل. عندما نفكر بهذه العقلية؛ خلال أشهر فقط سيرتقي المحتوى العربي ويكون مرجعاً للجميع.

أعتذر منك عمي “قوقل” أنت مجرم حتى تثبت براءتك، والمحتوى العربي بريء منكم، اللغة العربية أعظم من محركات بحثك، ومعلوماتها أوسع وأشمل.

لا أعمم ولا أخصص ما هو إلا ما صادفني وجربته، إلى الآن أنا مترجمة من المصادر الأجنبية وأبحث عن كل كلمة وأتأكد قبل أخذ وزرها.

كُتب المقال ضمن تحدي رديف؛ تعرّف على رديف أكثر بالضغط هنا: أهلًا صديقنا المهتم/المهتمة بالاشتراك في رديف .

ما هو شعورك بعد قراءة المقال؟
أحببته
0
أحببته
ممتاز
0
ممتاز
مفيد
0
مفيد
مُلهم
0
مُلهم
أعجبني
0
أعجبني
مُحفز
0
مُحفز
effect-2.png
advanced divider
effect-12.png
effect-13.png
اشتراك لتلقي الاشعارات
أرسل إشعارات لـ
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
effect-22.png