2-1.png
color-1.png
advanced divider

أتفقد طاولتي المبعثرة ودفاتري، وحبر أقلامي التي استنفذتها على الورق، أنظر إليها وأقول إلى أين؟

لوحاتي وكلماتي؛ وكرات الصوف؛ أغنيتي المفضلة مع هدوء الشتاء، لكن لا كلمات، ما كان علي تصفح الأخبار صباحاً، ولا فتح قنوات التواصل، كأنها منديل ورقي يسحب ما تبقى من صفاء ذهنك.

فرغ فنجان قهوتي، بإنتظار الإلهام، قرأت كل كلماتي التي رميتها على الورق من البدايات، واكتشفت أن انتظار الإلهام أصعب من لقياه.

قلّبت بين الصور لأسترجع ذكريات وحكاوي، زاوية هنا ما أجملها، وزاوية هناك ليتها تعود، وذكرى ضائعة يا ليتها تُمحى.

أشعر بارتجاف أصابعي بسبب البرد، عقلي يحتاج إلى الدفئ كأصابعي؛ كيف لنا أن نقاوم إلى هذه الدرجة. ما أحتاجه فعلاً لأعود لنشاطي المعتاد، استهلكت ساعات الصباح الأولى بذكريات الماضي وخسرت الوقت.

معي الآن خمس دقائق قبل مجيء الكهرباء “التي تأتينا كضيف مستعجل، ساعة واحدة بالنهار”. نعم نحن نعيش بدون كهرباء ولا ماء مذ ما يقارب الـ 10 سنوات، أصبحت الحياة أقسى مما كانت عليه، الجهاد اليومي لتستمر وتتابع.

لا أعلم لما تذكرت البدايات؟ كيف بعض الناس استغلت البدايات، وقلة المعرفة ضمن مجال العمل الحر لتأخذ تعبك وترحل بكل بساطة، بدون ولا كلمة، لا أريد المال أعطني كلمة شكراً على الأقل.

هل يستطيعون النوم وكأن شيئاً لم يحصل، هل يعجبكم وتستسيغون لحوم إخوانكم وجهدهم وتعبهم.

أنظر إلى طاولتي بدفاتري المليئة بالكلمات المباعة مجاناً، حتى الصور التي طالعتها صباحاً تذكرت أعمال سابقة في الرسم موقعة باسم من طلبها، لينسبها إلى نفسه.

هدفي الوحيد كان دخول مجال العمل بأي طريقة، “من خلال الترجمة، القصص، والرسم، والتعليم”؛ مجموعة من التجارب المتتالية صقلتني لأصبح ما أنا عليه اليوم.

محاولة تنفيذ طلب رسم
محاولة تنفيذ طلب رسم
3

لا أعلم ما كان تفكيري حين قررت المتجارة بموهبة الطفولة، التخبط العشوائي لمدة من الزمن استنفذ طاقاتي الأولية، قررت وبحثت وانطلقت وأنجزت بمفردي. جاءتني في هذه اللحظة فكرة مجنونة نوعاً ما، عندما كانوا يضربون المثل بأحدهم عمل في كراج سيارات وضمن المطاعم ليصبح بعدها من رواد الأعمال.

نعم يوماً ما سأستعطفكم أمام الشاشات وأنا أتكلم عن تجاربي ومحاولاتي للحصول على أول مبلغ لي من خلال الشاشة، الناس لا يرون من على الطريق، فقط يهللون للواصلين الناجحين.

عالم مجبول بالنفاق والأنانية، لذلك ترى الكثير من الناجحين المتواضعين المبادرين، عندما تصادفهم اعرف أن تجاربهم لم تكن سهلة وكان طريقهم موحشاً، وجربوا معنى ألم السير وحيداً، وعرفوا طعم حجارة الإنتقاد. تراهم أول من يمد يد المساعدة لمن هم في البدايات، وسماتهم في أفعالهم.

إذا ما صدف أن قرأ أحدهم هذا الكلام، إما سيتذكر صعوبة طريقه، أو سيتذكر من مد له يد المساعدة.

أنا صادفت الحالتين، نعم بدأت بمفردي بدون هدف واضح، لكن توفيق الله رسم طريقي، توكلت ووثقت به وأنطلقت، والحمدلله الأيدي على الطريق كانت كثر. لا يمكنني نسيانهم ابداً.

من البداية وضع الله حجراً أمامي لأقف عليه، لم أعانده يوماً تركت أمري بيده، ليضع حجراً آخر وأقف عليه، حجراً تلو الآخر، انظر للأعلى أرى توفيق الله يحميني، وأنظر للأسفل لا أصدق كم خطوة قطعت.

استوقفني سؤال على تويتر اليوم صباحاً؟

ما الذي يجعلك تتابع بالرغم من أنك متعب.

سأجيب هنا. لأنني متعبة ولأنني تعبت لأصل لن أتخلى، كل جهد مبذول باللحظة الحاضرة تعتبر استراحة مستقبلاً.

إلى حد هذه اللحظة لم ارتح يوماً، حتى الأيام التي غبت فيها عن العمل كان بسبب الزلزال الذي ضرب سورية. ستصادف ذكرى حدوثه 6 فبراير. الأشهر الوحيدة التي ابتعدت فيها عن الكتابة، لكن ليس عن الركض ولا المكوث تحت الأمطار.

لشدة تعلقي بالكتابة كنت أخبئ حاسوبي تحت كرسي وأحميه جيداً، لأعود كل مرة من الخارج لأتفقده. أحبابي في البلاد العربية لم يتركوني وقتها، نتحدث معاً إلى أن ينفذ شحن جوالي، لأبحث مجدداً عن وسيلة لشحنه. 3 أشهر وأكثر من الألم، والسنة التي تسبقها ضربتنا عاصفة دمرت المكان، والتي قبلها حرائق، ناهيكم عن الأحداث والأزمة الدائرة تلتهم ما تبقى من أعمارنا.

لا لن أفقد شغفي مهما تعبت، ومهما كانت الظروف قوية سأكون أقوى، لا أنتظر الإلهام نحن الأجيال ضمن البلاد العربية المنكوبة الإلهام بحد ذاته، ونحن عنوان المراحل القادمة، إذا كنت تقرأ تدوينتي هذه وأنت متكئ بدفء وتشاهد التلفاز والتدفئة موجودة، ولديك ما يكفي من الوقت في حياتك، لا تنتظر اللحظة المثالية والإلهام لتبدأ العمل.

للأسف لم تأتي الكهرباء، لكن أملي بالله لن ينطفئ

تحرك من مكانك وأشكر الله، واقضي وقتك مع عائلتك، وأنجز ما عليك إنجازه.

وأهلاً بكم في أرض العبير “الأمل”، “أملي أنا”

دمتم سالمين

كُتب المقال ضمن تحدي رديف؛ تعرّف على رديف أكثر بالضغط هنا: أهلًا صديقنا المهتم/المهتمة بالاشتراك في رديف .

ما هو شعورك بعد قراءة المقال؟
أحببته
0
أحببته
ممتاز
0
ممتاز
مفيد
0
مفيد
مُلهم
0
مُلهم
أعجبني
0
أعجبني
مُحفز
0
مُحفز
effect-2.png
advanced divider
effect-12.png
effect-13.png
اشتراك لتلقي الاشعارات
أرسل إشعارات لـ
guest
2 تعليقات
الأحدث
الأقدم الأكثر تصويتا
Inline Feedbacks
View all comments
effect-22.png