“لَنْ يَتِمَّ إِعْدَامِي، أَنَا لَسْتُ جَاسُوسَةً، مَجَالٌ عَمَلِيٌّ ضِمْنَ اَلْمُنَظَّمَاتِ اَلدَّوْلِيَّةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى اَلْبَشَرِيَّةِ “.
نَطَقَتْ كَلِمَاتِهَا وَهِيَ عَلَى شَفِيرِ اَلِانْهِيَارِ لَحْظَةَ اِعْتِقَالِهَا فِي مَطَارِ طَرَابُلُس. اَلْفَتَاةُ اَلْحَسْنَاءُ اَلْعَشَرِينِيَّة اَلَّتِي لَمَعَ اِسْمُهَا فِي سَبْعِينِيَّاتِ اَلْقَرْنِ اَلْمَاضِي وَصَنَّفَتْ كَأَخْطَر جَاسُوسَةٍ تَمَّ اِعْتِمَادُهَا وَتَدْرِيبُهَا عَلَى يَدِ اَلْمُوسَاد اَلْإِسْرَائِيلِيِّ .
تَسَبَّبَتْ بِدَمَارِ مَا يَزِيدُ عَنْ 70 % مِنْ مَنْظُومَةِ خُطُوطِ اَلدِّفَاعِ اَلْمِصْرِيَّةِ وَاخْتِطَافِ أَكْثَرَ مِنْ 7 فِرَقٍ جَوَّالَةٍ عَلَى خُطُوطِ اَلتَّمَاسِّ مَعَ اَلْعَدُوِّ.
تعتبر عمليةُ إلقاءِ القبضِ عليها منْ أكثرِ العملياتِ حساسيةً ودقةً منْ حيثُ التخطيطُ والتنفيذُ. تمَ إصدارُ الأوامرِ بحقها منْ قبلُ الرئيسْ الساداتْ وإعدامها في الحالِ لأنها ستكونُ عائقا أمامَ السلامِ بينَ الدولِ، مما جعلَ دموعَ “جولدا مائيرْ” تنهمر حزناً عليها، فقدانها أصابَ ضابط المخابراتِ الإسرائيليِ “إدمونْ” بالانهيارِ لينتحرَ بعدَ اعتقالها. هبةُ سليمٍ التي تتصدرُ صورتها اليومِ مبنى جهازِ الموساد في إسرائيلَ تكريماً لهاً.
من هي هبة سليم
ولدتْ هبةُ عبدِ الرحمنْ سليمْ عامِ 1947 وعاشتْ حياةٌ مترفةٌ في منزلِ عائلةٍ ميسورةٍ الحالِ، حصلتْ على الشهادةِ الثانويةِ العامةِ عامَ 1968. والتحقتْ بجامعةِ عينِ شمسٍ لدراسةِ اللغةِ الفرنسيةِ.
بنفسِ السنةِ حصلَ تبادلٌ ثقافيٌ بينَ دولةِ مصرَ ودولةِ فرنسا على أثرها تمَ استقدامُ مدرسينَ منْ فرنسا لانتقاءِ طالبٍ متفوقٍ لحصولهِ على منحةٍ في جامعةِ السوربون، بسببَ ذكائها وحنكتها استطاعتْ لفتَ نظرِ أستاذِ الجامعةِ ولكنها لمْ تكنْ منْ المتفوقينَ .
طلبتْ منْ والدها السفرِ إلى باريس لاستكمالِ تعليمها الجامعيِ بعدَ تشجيعٍ مباشرٍ منْ الأستاذِ المشرفِ عليها والمرتبطُ بجامعةِ السوربون في فرنسا، بعد إقناعها بأنها ستحصلُ على مقعدٍ إضافيٍ خصيصاً لها منْ أجلِ الدراسةِ. وترجحَ الدراساتُ بأنَ اختيارها لمْ يكنْ عشوائياً وأنَ هذهِ المرحلةِ تعدُ الخطوةُ الأولى لتجنيدها لصالحَ الموساد.
بسببَ إلحاحها الشديدِ للسفرِ إلى فرنسا، اشترطَ والدها عليها إقامتها لدى عائلةٍ مصريةٍ يختارها بنفسهِ، كانتْ العائلةُ منْ مدينةِ أسيوط وكانَ ربُ أسرتها يدعى “عمرْ جلالَ” الذي شغلَ في فرنسا منصبَ مديرِ شركةِ مصرَ للتجارةِ الخارجيةِ. أقامتْ خلالَ حياتها الجامعيةِ لدى هذهِ العائلةِ المصريةِ التي كانتْ على معرفةٍ بالسفيرِ المصريِ في فرنسا “فخري عثمانْ” حيثُ اعتادتْ على زيارتهِ برفقةِ هبةِ سليمٍ عامِ 1957.
مراحل تجنيد هبة سليم
في العامِ 2013 أجرتْ قناةَ النيلِ المصريةِ مقابلةً معَ “فخري عثمانْ” السفيرِ المصريِ السابقِ في فرنسا الذي كانَ على اتصالٍ مباشرٍ معَ هبةِ سليمٍ خلالَ فترةِ تواجدها في باريس، والذي عبرَ خلالَ الحوارِ قائلاً:
بأنَ هبةً كانتْ تذهبُ لزيارتهِ بحكمِ إقامتها لدى هذهِ العائلةِ حيثُ لفتتْ انتباههُ بذكائها وانتمائها الكبيرِ للقضيةِ العربيةِ وتمنى حينها لوْ كانَ الشبابُ العربيُ مثل تفكيرِ هذهِ الفتاةِ. ولكنهُ لمْ يكنْ يعلمُ ماذا يجري خلفَ كواليسِ عقلها.
تعرفتْ هبةَ سليمٍ في هذهِ الفترةِ على الفتاةِ “ريتا” ذاتَ الأصولِ البولنديةِ، التي أوهمتها بأنَ إسرائيلَ دولةً عظيمةً تسعى لنشرِ السلامِ في العالمِ وعرضتْ عليها فيلما عنْ طريقةِ الحياةِ في إسرائيلَ ومدى لطفِ شعبها.
وبعدُ تحضيرها نفسياً عرّفتها على طبيبٍ في جامعةِ السوربون الفرنسيةِ الذي استطاعَ تقديمُ منحةِ ثانيةٍ لها للدراسةِ لمدةِ سنتينِ وهنا كانتْ المرحلةُ الثانيةُ في تجنيدها وتجهيزها للمرحلةِ التاليةِ وتعريفها على موظفٍ في السفارةِ الإسرائيليةِ في باريس والذي كانَ يشغلُ صفةَ ضابطٍ في المخابراتِ التابعةِ للموساد. الضابطُ ” إدمونْ ” الذي كانَ مرشحاً لتولي رئاسةِ جهازِ المخابراتِ الإسرائيليِ؛ وهوَ اللاعبُ الأكبرُ في تجنيدها ضمنَ صفوفِ الموساد .
وأثناءَ تجهيزها على يدِ “إدمونْ” لتكونِ عنصراً في الموساد طلبَ منها كتابةَ قائمةٍ بأسماءِ معارفها وصلةَ القرابةِ بينها وبينهمْ كما طلبَ منها الحديثُ عنْ تفاصيلِ حياتها في مصرَ، وهنا ذكرتْ لهمْ معرفتها بالمقدمِ “فاروقْ الفقي”.
المهندسُ الشابُ الذي تقدمَ لخطبتها ورفضتهُ بسببِ فقرهِ، كما حدثتهمْ عنْ مطارداتهِ المستمرةِ لها في نادي الجزيرةِ الذي كانتْ ترتادهُ باستمرارٍ.
بارقة الأمل من هبة سليم التي أضاءت ظلام الموساد
أضاءتْ هذهِ المعلومةِ ظلامَ الموساد الإسرائيليِ وإشعالِ بارقةِ أملٍ بالانتصارِ على الجيشِ المصريِ وذلكَ قبلَ معركتهمْ الحاسمةِ في أكتوبرَ عامَ 1973، وطلبوا منها العودةُ إلى مصرَ والتقربِ منْ المقدمِ فاروقْ مهما كلفَ الأمرُ. حتى لوْ اضطرتْ إلى الزواجِ منهُ.
وبالفعلِ عادتْ هبةَ سليمٍ عامِ 1972 إلى القاهرةِ لتنفيذِ الأوامرِ والحصولِ على معلوماتٍ منْ الشارعِ المصريِ والجيشِ. وحالَ عودتها إلى بلادها قامتْ بالتقربِ منْ فاروقْ وقالتْ لهُ بأنها موافقةٌ على خطبتها منهُ.
بعدٌ فترةٍ منْ الزمنِ علمتْ منْ فاروقْ بأنهُ عنصرٌ رئيسيٌ في غرفةِ العملياتِ الحربيةِ؛ استغلّت هبةُ سليمٍ حبهِ الكبيرِ لها واستجرارهْ للإفصاحِ عنْ معلوماتٍ هامةٍ تخصُ أماكنَ تواجدِ صواريخَ “سامْ 6” المضادةِ للطائراتِ بالإضافةِ لمعلوماتٍ سريةٍ عنْ تواجدِ أماكنِ الفرقِ الجوالةِ على الحدودِ المصريةِ وتقديمِ صورِ ووثائقَ هامةٍ عنْ التحضيراتِ العسكريةِ للمعركةِ الكبرى لاستعادةِ سيناءَ.
عادتْ هبةَ سليمٍ إلى فرنسا محملةً بخرائطَ ومعلوماتِ سريةٍ للغايةِ جعلتْ الموساد ترسلُ كبارَ ضباطِ الموساد لاستلامها منها شخصياً، وعربوناً على شكرها لتقديمِ هذهِ المعلوماتِ الثمينةِ دعاها رئيسُ جهازِ الموساد “مائيرْ عاميتْ” إلى تلِ أبيبَ وإقامةِ حفلِ استقبالٍ مهيبٍ على شرفها، كما استقبلتها رئيسةُ وزراءَ إسرائيلَ “جولدْ مائيرْ” في مكتبها الخاصِ بحضورِ كبارِ ضباطِ المخابراتِ الإسرائيليةِ ليؤدوا لها التحيةُ العسكريةُ، موجهةً كلامها نحوهمْ قائلةٌ: “هذهِ الفتاةِ قدمتْ لإسرائيل أكثرَ مما قدمتموهُ أنتمْ مجتمعينَ”.
٢٥ يوماً لهبة سليم في اسرائيل
وخلالَ خمسةِ وعشرينَ يوماً خضعتْ هبةَ سليمٍ أثناءَ تواجدها في إسرائيلَ لتدريباتٍ مكثفةٍ عنْ كيفيةِ تجنيدِ العملاءِ وجمعِ المعلوماتِ واستخدامِ كافةِ الوسائلِ للمراسلاتِ الورقيةِ واللاسلكيةِ للحفاظِ على السريةِ وعدمِ كشفها منْ قبلُ المخابراتِ المصريةِ. وبعدُ التدريباتِ زارتْ هبةَ إسرائيلَ 9 مراتٍ متتاليةً منْ العامِ 1972، لدمجها بالمجتمعِ الإسرائيليِ وتحضيرها للعملياتِ القادمةِ.
خيانة النفس أقسى من خيانة الوطن
نهايةَ العامِ 1971 وبدايةِ العامِ 1972 شنتْ الطائراتُ الإسرائيليةُ غاراتٍ على المواقعِ السريةِ للصواريخِ وتسببتْ ب أكثرَ منْ 70 % منْ الأضرارِ في منظومةِ الحمايةِ ذاتِ الإنشاءِ الحديثِ. الأمرُ الذي أشعلَ النارَ في صدورِ ضباطِ المخابراتِ المصريةِ ومعاهدةٌ أنفسهمْ لكشفِ العملاءِ المساعدينَ في كشفِ معلوماتهمْ إلى العدوِ.
بدأتْ الشكوكُ تدورُ حولَ عناصرِ غرفةِ العملياتِ المسئولةِ عنْ إنشاءِ خطِ الدفاعِ الأولِ وهمْ 7 عناصرُ وبعدَ الغارةِ عامَ 1972 دارتْ التحقيقاتُ لمعرفةِ الفاعلِ وتضييقِ دائرةِ الشكِ إلى أنَ لاحظَ واكتشفَ ضابطُ المخابراتِ “رفعتْ جبريلْ” والملقبَ “بالثعلبِ” برقيةً مرسلةً منْ المقدمِ فاروقْ الفقي لحبيبتهِ مفادها؛ أنهُ قامَ بتركيبٍ لاقطٍ لاسلكيٍ على سطحِ منزلهِ لتستطيعَ الاستماعَ إلى أغانيها المفضلةِ عبرَ الراديو.
بداية النهاية للخائنة هبة سليم على يد رجال مصر الأحرار
تمَ استدعاءَ المقدمِ فاروقْ الفقي إلى مكتبِ رئيسةِ العميدِ “نبيلٍ شكري” الذي آمنَ ببراءتهِ بسببِ التزامهِ وكونهُ نموذج عنْ الضابطِ الملتزمِ والوطنيِ وعاهدَ نفسهُ على الاستقالةِ في حالِ ما ثبتتْ إدانتهُ. وعندَ دخولهِ قابلتهُ نظراتُ الشكِ، فأصيبَ فاروقْ بالارتباكِ وقالَ جملتهُ الشهيرةَ “هوَ انتوا عرفتوا”.
لمْ يستغرقْ المقدمُ فاروقْ سوى دقائقَ قليلةٍ للاعترافِ بكلِ شيءٍ وكيفَ أقنعتهُ هبةُ سليمٍ بالالتحاقِ بصفوفِ الموساد لتأمينِ حياةٍ تملؤها الرفاهيةُ في باريس مقابلَ تقديمِ معلوماتٍ أمنيةٍ.
وبسببَ خيبةِ أملِ العميدِ نبيلٍ شكري بعنصرهِ الملتزمِ فاروقْ الفقي قدّم استقالتهِ على الفورِ لكنَ الرئيسْ الساداتْ رفضَ استقالتهُ؛ فتقدمَ بطلبِ إعدامِ المهندسِ الشابِ شخصياً. وافقَ الرئيسُ على طلبهِ وتمَ الإعدامُ رمياً بالرصاصِ.
ليلة القبض على الجاسوسة الحسناء هبة سليم
بعدُ اعترافِ فاروقْ على هبةِ سليمٍ وارتباطها معَ الموساد رسم “رفعتْ جبريلْ” خطةٍ محكمةٍ لاستدراجها إلى مصرَ والقبضِ عليها خاصةً بعد تعليماتِ الرئيسْ الساداتْ باعتقالها حيةً أوْ ميتةٍ.
وبدأَ التخطيطُ باستدراجها للمجيءِ بالتعاونِ معَ السفيرِ فخري عثمانْ لأنهُ الشخصُ الذي عرفتهُ هبةٌ سابقاً في فرنسا لطمأنتها وعدمِ دخولِ الشكِ في قلبها والهربُ أوْ إنقاذها منْ قبلُ الموساد وهنا تمَ التحضيرُ لعمليةِ الاعتقالِ ووضعِ والدها كطعمٍ لها.
حيثُ أخبروا والدها الذي كانَ مكلفاً بالتدريسِ في ليبيا بأنَ ابنتهُ متورطةً بخطفِ طائرةٍ إسرائيليةٍ وأنْ عليها العودةُ إلى بلادها لحمايتها. ولتكتملَ معالمَ الخطةِ تمَ التعاونُ معَ السلطاتِ الليبيةِ لتسهيلِ عملِ المخابراتِ المصريةِ ضمنَ الأراضي الليبيةِ وتجهيزِ والدها ووضعهِ في مشفى 7 أكتوبرَ في بنغازي لعدمِ إثارةِ أيِ شكوكٍ حولَ الموضوعِ.
بدأتْ المكالماتُ والمراسلاتُ بينَ الأبِ وابنتهِ محاولاً إقناعها بالسفرِ إلى ليبيا بسببِ سوءِ أحوالهِ الصحيةِ وبعدَ التأكدِ منْ قبلُ الموساد بأنَ والدها فعلاً في المستشفى، سافرت إلى ليبيا وعندَ وصولِ هبةِ سليمٍ إلى مطارٍ بنينا الدوليُ؛ نفّذت هبةً المعلوماتِ المسندةِ إليها بالصراخِ بأنَ خاتمها قدْ ضاعَ منْ أجلِ حضورِ الأمنِ ومعرفةِ ما إذا كانتْ مراقبةٌ.
عندَ شعورِ السفيرِ فخري عثمانْ بالأمرِ ركضَ إلى مدخلِ الطائرةِ وطلبَ منْ الأمنِ الرحيلِ وبأنها مواطنةٌ مصريةٌ وسيتمُ حلُ الموضوعِ. استقبلها السفيرُ فخري عثمانْ بحرارةِ وطمأنها بأنَ جميعَ الأمورِ على ما يرامُ وأنهُ أتى شخصياً لاستقبالها لمتابعةِ حالةِ والدها بطلب من المقدمَ فاروقْ لأنهُ يريدُ رؤيتها.
بعدُ أخذها إلى صالةِ المطارِ جلسَ معها لساعتينِ كاملتينِ يحدثها دونُ انقطاعِ منْ أجلِ تحضيرِ الطائرةِ التي ستقودها إلى حبلِ المشنقةِ.
حينُ تأكدَ السفيرُ فخري عثمانْ منْ أنَ الطائرةَ جاهزةٌ للإقلاعِ رجِع إلى الوراءِ، ليتقدمهُ عنصرينِ منْ ضباطِ المخابراتِ المصريةِ ووضعِ السلاسلِ بيدِ هبةِ سليمٍ. بسببَ شعورها بأنَ نهايتها قدْ حانتْ انهارتْ هبةَ سليمٍ في المطارِ، فتمَ حملها واقتيادها إلى الطائرةِ المتوجهةِ إلى مصرَ.
بعدٌ معرفةِ الضابطِ “إدمونْ” الضابطِ التابعِ للمخابراتِ الإسرائيليةِ والمسئولِ عنها بشكلٍ مباشرٍ بأنهُ لمْ يستطعْ حمايتها أطلقَ النارِ على نفسهِ ضمنَ مكتبهِ في باريس.
بعدُ التحقيقِ معها لمدةَ 70 يوماً اعترفتْ هبةَ سليمٍ بما نسبَ لها منْ تسريبٍ للمعلوماتِ وتجنيدِ المقدمِ فاروقْ الفقي والتجهيزُ لتجنيدِ عناصرَ شبابيةٍ مصريةٍ جديدةٍ.
في اليومِ الْ 70 منْ استجوابها سألها اللواءُ “محمدْ رشادْ” هلْ أنتَ نادمةٌ يا هبةٌ؟
فردتْ عليهِ قائلةً: “لا فأنا أخدمُ لمصلحةِ بلدي مصرَ وأحميها منْ عدمِ الخوضِ في معركةٍ خاسرةٍ معَ إسرائيلَ. تمَ إيداعها في سجنِ القناطرِ لحينِ موعدِ تنفيذِ حكمِ إعدامها. ولأهميةِ هذهِ الفتاةِ للموساد الإسرائيليِ استعانت رئيسةُ الوزراءِ الإسرائيليِ جولدْ مائيرْ بوزيرِ الخارجيةِ الأمريكيِ “هنري كيسنجرْ” للوساطةِ لها. حيثُ ذهبَ منْ غيرِ موعدٍ مسبقٍ لمقابلةِ الرئيسْ الساداتْ في أسوان بعدَ حربِ أكتوبرَ وطلبَ تخفيفُ الحكمِ عنها.
لحظة إعدام هبة سليم
جاء الرد الصاعق من الرئيس السادات بإنه تم إعدامها. وعند سؤال كيسنجر عن موعد الإعدام، نظر الرئيس الى أحد الضباط المتواجدين وقال:
اليوم
رد الرئيس السادات لوزير الخارجية الأمريكي عن هبة سليم
وفي الحالِ تحركَ الضابطِ بنفسِ اللحظةِ وهاتفِ القاهرةِ ليعطيَ الأمرُ بالإعدامِ خلالَ نصفِ ساعةٍ. وهكذا كانتْ زيارةُ وزيرِ الخارجيةِ الأمريكيِ “هنري كيسنجرْ” الحبلُ الذي التفَ على عنقِ الجاسوسةِ الحسناءِ هبةَ سليمٍ.
عامُ 1974 رحلتْ ورحلتْ خيانتها معها. رحلتْ وما زالتْ أرواحُ الشهداءِ الذينَ قضوا خلالُ الغاراتِ الإسرائيليةِ تحيا في قلوبنا. بفضلِ دهاءِ وحنكةِ المخابراتِ المصريةِ ومساعدةُ السلطاتِ الليبيةِ تمَ إغلاقُ أشرسِ المعاركِ المخابراتيةِ وأكثرها تعقيداً بينَ الموساد والجيشِ المصريِ.
عنونتْ هذهِ المعركةِ بأنها رائعةٌ منْ روائعِ المخابراتِ المصريةِ لدرجةِ تحويلها إلى روايةٍ حققتْ نجاحاً باهراً واستندَ الكاتبُ صالحَ مرسي في أحداثِ روايتهِ “الصعودَ إلى الهاويةِ” إلى وقائعَ هذهِ القضيةِ. تمَ تكريمُ هذا الإنجازِ بإصدارِ فيلمٍ لنفسِ الروايةِ عامَ 1978 منْ إخراجِ المبدعِ “كمالْ الشيخْ”.
على يد المخابرات المصرية أنتهت قصة هبة سليم، أحرار مصر وأحفاد الفراعنة أقدم حضارة في تاريخ ومنبت العلماء والمُفكرين.
ختام قصة الجاسوسة هبة سليم
منْ هذا المنطلقِ نقولُ:
“كمٌ منْ خائنٍ أنشدَ نشيدُ بلادهِ في الطابورِ الصباحيِ للمدرسةِ ورددهُ يومياً على مسامعِ نفسهِ”.
شاركنا رأيكَ في التعليقاتِ. وهلْ تعتقدُ بأنَ الثقافةَ الغربيةَ ومعتقداتها السببَ وراءَ هشاشةِ الإنتماءِ الوطنيِ للشبابِ والسببِ الكبيرِ للتغريرِ بهذهِ الفتاةِ العشرينية وإيهامها بأنَ إسرائيلَ هيَ منْ صانعي السلامِ في العالمِ أمِ إنَ دهائها تخطى حدودَ العقلِ.
مصادر القصة
اللحظات_الاخيرة للجاسوسه هبه_سليم وماذا قالت قبل تنفيذ_الحكم
