2-1.png
color-1.png
advanced divider

نم نم نم أنظر طيارة طيارة، لتأتي اللقمة مقتحمة فمك وأنت صغير. ماما هذا الرداء لا يعجبني 😒، حسناً سأضع بضع فراشات عليه ويصبح أجمل.

ماما لا أحب التفاح، حسناً سأقطعها لك بشكل دائري خذ هذه الدوائر البيضاء الجميلة التي تشبه إطارات السيارة.

يا بني يجب عليك إكمال الدراسة لتتفوق بالإمتحان، بعد أخذك العلامة الكاملة تطبع والدتك قبلة على جبينك.

ماذا نستنتج من هذا الكلام؟

أن العملاء مهما تعددت أشكالهم ووظائفهم وطُرق تفكيرهم، عليك معاملتهم كالأطفال، وهذا لا ينقص من قدرهم شيئاً.

عندما تريد جذب انتباههم عليك بحركة الطيارة ليبتلعوا اللقمة.

وعندما لا يعجبهم المُنتج قدّم معه ميزة تنافسية وقيمة مضافة تعجبه.

وإن لم يرغب باستهلاك شيء تقدمه، غيّر شكله أو طريقة تقديمه.

وإن تطلّب الوصول لمنتجك أو خدمتك طريق يحتاج بضع خطوات، كافئه.

كم من موقف مرّ عليك يومياً منذ طفولتك إلى حد الشباب، كانت أمك هي المنتصرة دائماً.

لأنها تعرف تماماً خصال عميلها “أقصد ولدها”، وتعرف طريقة تفكيره، وتعرف احتياجاته جيداً، وما يرغب به وما لا يرغب. وتعرف تماماً كيف تستقطب اهتمامه.

هنا لا أتكلم عن قسوة بعض الأمهات، اللاتي يفرضن رأيهن بكل الحالات، لكنني أتكلم عن الأم الصبورة، الحانية الدانية، التي تأخذ بيد ولدها من الخطوة الأولى، لتعلمه طريقة الحبو والمشي والقفز، وكيف يمسك القلم وكيف يكتب. خاصة ما إذا كانت التجربة جديدة فالخطوات والإرشاد أهم من الإتقان.

أرشد عميلك ووجهه، وكن معه، واصبر عليه، فأنت قبله خبير وهو ركض إليك من أجل ذلك؛ لتعينه وتعاونه.

أحياناً لا أقتنع بمصطلح التسويق إلا إذا كان مرتبط بعلم النفس، أو بالأحرى لا أقتنع بالمصطلحات الرنانة التي تعامل العميل كأنه سمكة علينا اصطيادها، أو تعامله كمحفظة نقود متنقلة.

بالنهاية هو إنسان، بشر مثلنا، لديه احتياجات ضمن العمل، ولديه مخاوف كإنسان. لديه تفضيلات ورأي. مهما رسمنا شخصيات مستهدفة، ودرسنا وحللنا، بدون الدخول بعمق النفس واكتشفنا مخاوفه، لن ننجح.

سيأتي من يقول لي ويرمي مصادر ومراجع ونتائج عن التسويق. أنا لا أشمل هنا جميع المجالات، فلكل مجال جمهوره المستهدف الخاص به وطريقة استهلاكه للمطروح أمامه.

حتى الخوارزميات متقلبة ومتبدلة، تبعاً للتفضيلات وتغير الأنفس.

أنا كـ كاتبة محتوى، جميع الناس ضمن المجال الرقمي هم جمهوري، ستقولون لا غير صحيح، سأقول لكم صحيح جداً. جميع الناس من جميع الفئات، من جميع المجالات هم جمهوري، على الأقل في البدايات قبل اختيار طريق محدد للاستمرار به.

وقد كنت ذكرت سابقاً أنني ما تركت مجال إلا كتبت فيه، حتى اخترت بالنهاية ما أرغب. هنا عليك تغيير وقولبة خدماتك لتناسبه وترضيه. وإن احتجنا إسقاط دور الأم على جميع المجالات الأخرى غير الكتابة، سنراه نافعاً أيضاً.

ادرس سلوك المحل التجاري المفضل لديك، لماذا تحبه؟ وترغب بالبقاء معه؟ ولماذا هو دوناً عن الجميع؟ هل لأنه الأقرب، الأوفر، الأفضل.

أو لأن معاملته أفضل؟ راقب سلوكك وتحركاتك يومياً، وراقب كيف تختار ولماذا اخترت؟

البارحة نشرت تدوينة احصائيات عن اللاجئين، ليأتي السوري بالمرتبة الأولى كأكبر نسبة باللجوء. لكن عند إلقاء الضوء على وضعهم تراهم أزهروا أينما حلوا، نبت ياسمين دمشق في جميع الدول.

سأتكلم بشفافية قليلاً وأقول أن أهل “حلب” و”دمشق” هم أكثر المغادرين، بالمقابل لم يكونوا عالة على أحد بل افتتحوا مشاريع وحققوا إنجازات على جميع الأصعدة، لأنهم من أهل التجارة وورثوا المهنة وأتقنوها.

ما دخل كلامي بالأم والتسويق والتهجير؟

لنربط الأمور معاً، لكل جماعة أو بلد أو مكان سلوك معين، تربية وتنشأة معينة، مفاهيم خاصة بهم، وتفكير خاص بهم.

الأم السورية رمز للصمود والتحدي، والشطارة أيضاً. هنا لا أنتقص من أحد خذوا كلامي من باب واحد وليس أكثر من باب، ولا أقول أن السوريين هم الأكثر تميزاً؛ لكنني أريد الوصول لنقطة معينة. ابتداء من تنوع الطعام السوري، حيث أن الفطور السوري لا يقل عن 10 أنواع وأصناف موجودة بشكل يومي بسبب عادات سورية قديمة وهي “المؤونة”، تعمل الأم لإدارة منزلها، صيفاً وشتاءً، ناهيك عن حلاوة معاملتها وأسلوبها، واهتمامها بعائلتها ومنزلها وبنفسها. هذا التميز للأم تم إسقاطه على الأطفال. الأطفال لا يعانون من شيء أسمه “الأنفة” وأعني هنا الغرور، عند هجرة السوريين وطبعاً قرأتم الكثير من قصص نجاحهم، حولوا “المؤونة” التقليدية لتجارة، والطعام السوري “لتجارة” وأسلوبهم اللطيف ورقة تعاملهم وابتسامهم الدائم، من أعظم أدواتهم التسويقية. فهم اكتشفوا معنى التسويق دون دراسته، واكتشفوا أنه مهما تنوع المجال، الطريق الوحيد لقلب أحدهم هو اللين واللطف.

كم من مرة اخترت محل تجاري عن آخر فقط لسبب وحيد “لا ينزع ابتسامته عن وجهه”. وهكذا التسويق الصحيح يكون كالأم بتكتيكاتها الخفية، وفهمها، كالتاجر المخضرم بأسلوبه وحنكته، وكالمهاجر بفرض نفسه كرقم صعب في المجال.

أرفع رأسك من كتب التسويق، وراقب محيطك، بل راقب نفسك أولاً وستفهم أن لكل فعل رد فعل، ادرس نفسك وما يستهويها وإن جاءك العميل لا تدرس جمهوره قبل دراسته هو بالبداية. استهلك الكثير من كتب علم النفس والأكثر من الحياة، أصابعك ليست متشابهة ومهما تشابه العملاء ستختلف تفاصيلهم.

بعد كلامي هذا، هل تذكرت الحساء بكل أنواع الخضار والذي قالت لك أمك أنه لا يحتوي بطاطا وهو مليء بالبطاطا، لكنك لم تميزه بسبب خلطها للمزيج وتنويعه ليصبح سلس، ومقبول، هنا أتكلم عن الخوارزميات 😉.

هل رأيت وصدقت أن والدتك لديها خبرة في جميع المجالات وتضاهي الخبراء حتى.

تدوينة من وحي حنان ولطافة قلب أمي، حمى الله أمهات الجميع ورحم الراحلات منهن.

كُتب المقال ضمن تحدي رديف؛ تعرّف على رديف أكثر بالضغط هنا: أهلًا صديقنا المهتم/المهتمة بالاشتراك في رديف .

ما هو شعورك بعد قراءة المقال؟
أحببته
1
أحببته
ممتاز
1
ممتاز
مفيد
1
مفيد
مُلهم
1
مُلهم
أعجبني
1
أعجبني
مُحفز
1
مُحفز
effect-2.png
advanced divider
effect-12.png
effect-13.png
اشتراك لتلقي الاشعارات
أرسل إشعارات لـ
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
effect-22.png